استاذة في جامعة واشنطن لـ"تسنيم": الخيار السياسي من مصلحة السعودية .. الحليف الوحيد لأميركا هو مصالحها في المنطقة

استاذة فی جامعة واشنطن لـ"تسنیم": الخیار السیاسی من مصلحة السعودیة .. الحلیف الوحید لأمیرکا هو مصالحها فی المنطقة

أكدت الأستاذة في العلاقات الدولية بجامعة واشنطن، د. عبير كايد، ان الخيار السياسي هو من مصلحة السعودية منوهة الى ان الحليف الوحيد لأميركا هو مصالحها في المنطقة.

وفي حوار خاص مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء قالت الأستاذة في العلاقات الدولية بجامعة واشنطن، د. عبير كايد،  ما تقوم به إيران في المنطقة سواء في سوريا جاء بطلب من الحكومة السورية لدعمها في محاربة الارهاب الذي جلبته واشنطن وحلفاءها في المنطقة من دول الخليج (الفارسي).

ونوهت الى ان الإرهاب صناعة غربية الهدف منها استخدامها كاداة للنيل من العدو وعند الانتهاء منها تتحول الى فزاعة ويشرع للجيش الأمريكي والأوربي دخول دول وقارات لمحاربته.

وأشارت الى ان السعودية دعمت الارهاب في سورية والعراق واليمن بهدف تحقيق مكاسب استراتيجية لكنها في نهاية المطاف تدفع ثمن التهور الاستراتيجي.

وأوضحت ان  تحالف السعودية لم يحقق اي إنجازات تذكر في اليمن سوى تدمير للبنية التحتية اليمنية وتشريد وتجويع الشعب اليمني وتهجيره من مدنه وقراه.

وفي ما يلي نص الحوار:

تسنيم: لطالما اتهمت أمريكا إيران بممارسة الإرهاب في المنطقة بسبب دعمها لشعوب تتعرض لاعتداءات متكررة من قبل حلفاء واشنطن ومن بينهم الشعب اللبناني والفلسطيني واليمني، فهل ما تفعله إيران يعتبر إرهابا وفق القانون الدولي ام على العكس من ذلك فان ما ترتكبه إسرائيل والسعودية بدعم أمريكي هو الذي يمكن ان يصنف إرهابا؟

عبير كايد: ما تقوم به إيران في المنطقة سواء في سوريا جاء بطلب من الحكومة السورية لدعمها في محاربة الارهاب الذي جلبته واشنطن وحلفاءها في المنطقة من دول الخليج (الفارسي) لإسقاط النظام السوري وبعد 8 سنوات من الحرب، اتضح للجميع ان الذي جلب ما يسمى بالإرهاب هي واشنطن نفسها وحلفاءها الذين يمولون هؤلاء الجماعات الإرهابية ابتداء من داعش الى النصرة، انتهاء بالقوات الديمقراطية الكردية والتي مازالت هناك وتهدف لتقسيم واضعاف سورية، لا لتلبية دعوات الحرية والديمقراطية في سوريا. اما دعم لبنان من إيران فيأتي في سياق التوازن الإقليمي في المنطقة، وجود حزب الله في الحد الجنوب للبنان ودعمه ايرانيا ليس جديدا ولا علاقة له بالإرهاب فحزب الله له ممثلين بمجلس النواب وهو معترف به من الحكومة اللبنانية وهو شان لبناني داخلي لا واشنطن ولا حلفاءها لهم الحق بالتدخل في الشؤون اللبنانية بسببه.

اما تصنيف الارهاب فهو صناعة غربية منذ ان أسست الولايات المتحدة الامريكية القاعدة في أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي ومن ثم خرجت القاعدة وزعيمها بن لادن على واشنطن وبدأوا في معاركهم خارجيا حيث استهدف السودان واليمن وغيره من الدول كباكستان واليوم أفغانستان للقضاء عليه، فالإرهاب صناعة غربية الهدف منها استخدامها كاداة للنيل من العدو وعند الانتهاء منها تتحول الى فزاعة ويشرع للجيش الأمريكي والأوربي دخول دول وقارات لمحاربته، وهذا ما يحدث اليوم مع داعش الابن الأصغر للقاعدة. السعودية دعمت الارهاب في سورية والعراق واليمن بهدف تحقيق مكاسب استراتيجية لكنها في نهاية المطاف تدفع ثمن التهور الاستراتيجي وبالتالي انعدام الحكمة في السياسة الخارجية خصوصا بعد وصول محمد بن سلمان للحكم.

تسنيم: لماذا غابت القضية الفلسطينية في خطاب ترامب الأخير امام الجمعية العامة للأمم المتحدة وأين أصبح مشروعه المعروف بـ "صفقة القرن" بعد ان تكرر فشل نتانياهو في الانتخابات البرلمانية الأخيرة؟

عبير كايد: غياب القضية الفلسطينية في خطاب ترامب امام الأمم المتحدة كان مقصودا. بمعنى أخر ترمب تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني وما يسمى بالسلام بين دولة الاحتلال والفلسطينيين. أضف الى ذلك ان فشل ورشة المنامة يعزز من غياب خطة واضحة لسياسة ترمب الخارجية خصوصا بقضية فلسطين. فلا توجد ارضية خصبة للعمل من اجل جمع الفلسطيني مع جانب دولة الاحتلال. ورفض السلطة الفلسطينية لصفقة القرن والمشاركة بورشة المنامة وبالتالي قطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن بعد إغلاق ترمب السفارة الفلسطينية بواشنطن وطرد الدبلوماسيين ووقف المساعدات لوكالة الغوث الأونروا. منح الفلسطينيين الحق بالتصرف وتعليق كل اتفاقياتهم مع الجانب الصهيوني. لذا لا توجد أوراق ملموسة بيد ترمب للعب عليها وجميعها خاسرة واثبتت ان الجانب الأمريكي هو ليس طرفا نزيه ووسيط منخار للجانب الاسرائيلي، خاصة بعد نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس المحتلة. كما ان ترمب يفضل ان يطرح خطته للسلام بعد ربما فوزه المؤكد في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2020.

تسنيم: بعد الهجوم على أرامكو قالت الولايات المتحدة للسعودية بوضوح أنها لا تدافع عن الرياض، وأوضحت أنها تبيع السلاح للسعوديين وهم من ينبغي عليهم الدفاع عن أنفسهم، فما معنى أن تكون أمريكا حليفة للسعودية؟

عبير كايد: واشنطن ليس لديها حلفاء. الحليف الوحيد لأميركا هو مصالحها في المنطقة اي انها محكومة لمصالح استراتيجية بحته. ترمب منذ وصوله للبيت الأبيض كان يقول للسعودية علنا الدفع مقابل الحماية! لكنه لم يقل لهم، الحقيقة ان الدفع فقط لشراء السلاح و"عسكري دبر رأسك" كما نقول بالعامية!، اي على السعودية ان تحمي نفسها بنفسها. بنظري لو السعودية كانت على مستوى لقراءت الأحداث الواقعية على الأرض وخصوصا في اليمن لما عرضت عصب اقتصادها الحيوي للقصف واقصد هجوم ارامكو. فبعد إسقاط إيران لطائرة تجسس أمريكية. ولم ترد واشنطن عليها فان هذا يعني ان واشنطن نفسها تخشى المواجهة العسكرية. فهل تريد واشنطن ان تقوم بحرب بالوكالة للدفاع عن الرياض؟، طبعا لا. فهي تعلم ان التحالف العربي منذ أربع سنوات لم يحقق اي إنجازا يذكر على الأرض في اليمن وان السعودية والإمارات تقومان بجرائم حرب وصل صداها للكونجرس الاميركي، فهل ستقبل واشنطن ان تدافع عن مجرمي حرب؟، طبعا طبقا لما يصفه أعضاء بمجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكي. اعتقد هجوم ارامكو كان موجعا وسيخضع السعودية لتقديم تنازلات كبيرة لإيران في الشهور المقبلة ومن مصلحتها الجلوس مع إيران لحل أزمة اليمن وسورية والملاحة في مضيق هرمز بدلا من جلب قوى خارجية تستخدم إيران شماعة اقتصادية لبيع العتاد العسكرية لدول الخليج (الفارسي).

تسنيم: هل من مصلحة السعودية الاستمرار في العداء تجاه إيران، أم من الأفضل ان تفتح صفحة جديدة في العلاقات الإيرانية السعودية ويتم من خلالها إبرام معاهدات تجارية وثقافية ودفاعية مشتركة بين البلدين؟

عبير كايد: قلتها منذ أربع سنوات وذكرتها في عدة مداخلات إعلامية وفي اخر مقال لي ان من مصلحة السعودية اليوم الجلوس بأسرع وقت ممكن مع إيران لفتح صفحة جديدة من العلاقات السياسية والتجارية والثقافية. كما انهم دول جوار. وهناك تاريخ حضاري وثقافي موجود منذ عصور من الزمن. التسوية السياسية أفضل من اي خيار عسكري يمكن ان يعيد اي من دول الخليج (الفارسي) الى العصر الحجري لو بدأت بحرب ضد إيران. ليس لان السعودية ضعيفة ولا تملك سلاح. بل لأنها لا تملك اي خبرة عسكرية تخولها دخول حرب شاملة ضد إيران. إيران لديها خبرات في حروب عسكرية طويلة الأمد مع العراق (زمن النظام السابق) وفي سورية. كما ان اداء الجيش السعودي في اليمن فضح امكانياته وقدراته بل وحتى مناطق النفوذ والضعف التي خرجت عن سيطرته. فلنكن واقعيين، من مصلحة السعودية على المدى الطويل فتح حتى باب السياحة للمواطن الايراني واستقطاب المستثمرين وبالتالي بناء ثقة وعلاقات جديدة مبنية على المصالح المشتركة، وللأفضل دعم قرار سياسي من خلال اتفاقيات لعدم التعدي على الآخر وعدم التدخل بالشؤون الداخلية لكلا البلدين يضمن للاثنين حقهما في الحفاظ على الامن لمضيق هرمز وبحر العرب وامن وسلامة الممرات البحرية التي تطلع غلى مياه الخليج (الفارسي).

تسنيم: شهدت المنطقة خلال الأعوام الماضية انشاء تحالف أمريكي ضم 79 دولة بذريعة محاربة الإرهاب!، وبعد ذلك أنشأت السعودية تحالف عربي للحرب على اليمن والان تدعو أمريكا لإنشاء تحالف بحري جديد، فماذا حققت هذه التحالفات سابقا وماذا يمكنها ان تحقق مستقبلا؟

عبير كايد: التحالف العربي لم يحقق اي إنجازات يذكر في اليمن سوى تدمير للبنية التحتية اليمنية، تشريد وتجويع الشعب اليمني وتهجيره من مدنه وقراه، جعل اليمن هشا أكثر مما كان أيام علي عبد الله صالح وزرع الفتنة والضغينة مرة جديدة بين ابناء الجنوب وابناء الشمال وفرق القبائل اليمنية من جديد. وعكس ضعف الآلة العسكرية لكل من السعودية والإمارات وانقسامهم على الأرض خصوصا بعد دعم الامارات المجلس الانتقالي بالجنوب وصمت السعودية. وكأن الشرعية التي جاءوا كما ادعوا من اجل إعادتها أصبحت مجرد غطاء وذريعة لتقسيم اليمن باستخدام ابناءه ضد بعضهم البعض. كما ان التحالف ساهم بازدهار الاقتصاد الاميركي الذي حصد مليارات الدولارات نتيجة لبيعه السلاح والذخيرة لقتل اليمنين بأيادي عربية.

تسنيم: طرحت إيران مؤخراً مبادرة لتوقيع اتفاقية عدم الاعتداء مع جيرانها الدول العربية، لكن للأسف فان الدول العربية لم تبدي حماسا تجاه هذه المبادرة، فما هو السبب وراء ذلك باعتقادك؟، هل حان الوقت لتجلس السعودية مع إيران لإبرام تحالف مشترك على غرار تحالف الأمل او ما أطلق عليه تحالف هرمز للسلام الذي دعت اليه إيران لتأمين الملاحة البحرية في المنطقة؟

عبير كايد: دول الخليج (الفارسي) ليست بأحسن أوقاتها كي تأخذ قرارا جماعيا. فالحصار على قطر وتدهور العلاقات وانعدام رؤية خليجية واستراتيجية سياسية وعسكرية طويلة الأمد هو السبب المباشر لعدم الرد على اي مبادرة إيرانية للسلام معهم. هناك من يعتقد ان بعد قرار اميركا بنقل قاعدة العديد الاميركية الموجودة في قطر الى داخل الولايات المتحدة الامريكية الى ولاية كارولاينا الشمالية، سيجبر الخليج(الفارسي) وخصوصا الكويت وقطر والسعودية الى الجلوس مع إيران لحل الازمة وإبرام اتفاقيات عدم اعتداء تاريخية. لا أدرى لماذا يمتنع الخليج(الفارسي) عن إبرام اتفاق سلام شامل يحفظ أمته وثرواته في ظل واشنطن التي جلس ترمب مع كيم جونغ أون الذي هدد بضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة الامريكية!، كما ان سياسة الاحترام التي تمارسها واشنطن تجاه إيران أبرزت مدى مستوى النفاق تجاه الحليف السعودي خصوصا بعد هجمات ارامكو. فالثابت هو ان دول الخليج (الفارسي)، دول جوار وجغرافيا سياسية تجمعها مع إيران والمتحرك ان واشنطن لم تسعى ولو بيوم بدل اي اتفاق سلام وتهدئة بين إيران وجيرانها بل تدعم دوما التصعيد لبيع المزيد من السلاح وشق الصف العربي الايراني لمواجهة اسرائيل!، فهذه سياسة مكيافيللية قديمة تعرف بـ فرق تسد! فهل سيستيقظ العرب من سباتهم ويتعالوا على الكبرياء المزيفة تجاه إيران مقابل الذل والمهانة التي يتعرضون لها كأنظمة يوميا من ترمب عبر أسلوبه الابتزازي، المال مقابل الحماية المزيفة؟.

ان الانسحاب من الاتفاق النووي من طرف احادي الجانب عزز من صورة إيران إيجابيا سواء في أوروبا او حتى داخل الكونجرس الأمريكي لدى الحزب الديمقراطي ألذي مازال يدافع عن هذا الاتفاق التاريخي.  وما مسلسل العقوبات الاقتصادية الا حالة من الهستيريا الترامبية لإخضاع إيران بالقوة للجلوس معه تحت ضغوطات اقتصادية. وفي النهاية الخاسر الأكبر سيكون ترمب لو فتحت السعودية مع إيران باب الحوار وإبرام صفقات اقتصادية وثقافية جديدة تمهد لعهد جديد في المنطقة يخدم ابناء الشعب الايراني وايضا الخليجي.

حاورها / سعيد شاوردي

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة