مآذن ايران الأثرية.. عراقة تحاكي الجمال + صور

مآذن ایران الأثریة.. عراقة تحاکی الجمال + صور

ظهرت أولاً ببساطة لتكون مكاناً مرتفعاً يقف عليه المؤذِّن ويساعد على إيصال صوته إلى أبعد مسافة ممكنة. ومن ثم راحت تتطوَّر هندسياً وجمالياً حتى استقرت كرمز يتجاوز في ديمومته ودلالته الوظيفة الأولية.

خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.

كما هو الحال عندما نرى مئذنة شامخة في سماء مدينة ما فنعرف فوراً أننا في مدينة إسلامية أو في مكان يقطنه مسلمون، فإننا عندما نرى صورتها في اللوحات التشكيلية نعرف فوراً هوية العمل الفني، وأكثر من ذلك، الموقع الذي يمثِّله هذا العمل في معظم الأحيان.ولفهم هذا الحضور الطاغي للمآذن في فن اللوحة الشرقية أو الاستشراقية، ووضوح دلالاتها الجمالية، لا بد من استطلاع أبرز مراحل التطور الهندسي والجمالي التي عرفها فن بناء المآذن على مر الأزمنة وفي مختلف أصقاع العالم الإسلامي.

تاريخ المئذنة من الوظيفة إلى الرمز

على خلاف غيرها من المعالم المعمارية في التاريخ الإسلامي، تقف المئذنة واضحة الانتماء والوظيفة. فهي رمز الإسلام كما هو عنوان كتاب البروفيسور جوناثان بلوم عن تاريخ المئذنة. لكن هذا الرمز ليس ذا شكل واحد موحِّد. فعبر التاريخ الإسلامي وامتداداته الجغرافية تحوَّل الشكل المعماري للمئذنة وتغيَّر وتنوَّع.

المآذن الأولى شرقاً

أما شرقاً وخلال الانتشار المبكر للإسلام، فإن مئذنة نايين في إيران تشكِّل نموذجاً آخر على طريق تصميم المآذن. فهذه تبدأ بقاعة مربعة ثم تأتي مرحلة أعلى مثمنة الأضلع وتنتهي بمرحلة ثالثة أسطوانية الشكل. وتعد مآذنة نايين من أوائل المآذن التي تحتوى على سلم داخل البناء بخلاف الملوية ومئذنة ابن طولون.

أدت هذه التجارب في شرق العالم الإسلامي إلى بناء أُولى المآذن ذات البدن شبه المخروطي من قاعدته إلى أعلاه. وتشكِّل مئذنتا دمغان في إيران وبخارى في آسيا الوسطى مثلين بارزين على هذا التصميم الجديد. فكلاهما مبني من الطوب، ولكن ظاهر البدن مزيَّن بأشكال هندسية مستقيمة الأضلاع ومتعددة الأشكال. وفي أماكن مختارة، تتوسط التكرار الهندسي نصوص قرآنية كتبت بالخط الكوفي. وتجدر الملاحظة هنا أن هذه التكوينات الهندسية هي نتيجة طريقة وضع وحدات الطوب. فيمكن مثلاً تقديم الطوب إلى الخارج أو سحبه إلى الداخل وبهذا التنويع يحصل الشكل التزييني. وهذا أسلوب عرفت به مناطق إيران الشمالية في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين.

يتكون بدن المئذنة من مرحلتين بشكل شبه مخروطي وتعلوه قبة. وقد بني بدن المئذنة من الطوب المطبوخ، مما أسهم في بقائها رغم عوامل الطقس على مدى القرون الماضية. ولكن إحدى مميزات هذه المئذنة هي في استعمال الألوان في تزيينها. فالكتابة الكوفية هي بلون الفيروز، وهذا الاستعمال هو من بدايات استعمال الطوب المطبوخ بغلاف فيروزي في العمارة الإسلامية الشرقية.

مآذن مستقلة عن الجوامع

والواقع أن هذه المئذنة هي واحدة من حوالي ستين مئذنة وبرجاً بنيت بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين في آسيا الوسطى وإيران وعدد من هذه المآذن والأبراج لا يرتبط ببناء محاذٍ. ويعتقد الباحثون المعاصرون أن هذه المآذن إنما هي تعبير عن انتصار واتساع الإسلام في تلك المناطق، وليست ذات وظيفة أخرى كما هي المآذن التى تتصل يمسجد جامع.

تمثل منارات المآذن أهمية كبرى في الثقافة الإسلامية برمتها، وهو ما يجعلها ذات اهتمام ملحوظ لدى أهل الثقافة الإسلامية، وقد تطور بناء المآذن على مدار التاريخ منذ ظهور الإسلام وحتى العصر الحالي، ولإيران على نحو خاص اهتمام بتلك العمارة، خاصة أنهم لاحظوا كيف تبنى المساجد بشكل بسيط، ولم يكن هذا ما أرادوه، إذ إن طبيعة معمارهم تتميز بالقصور ذات الأعمدة والقاعات الفسيحة.

وقد بدأت المآذن على شكل جدار عال يشبه البرج، ثم أحاطوا هذا البرج بجدار أو سلم ووضعوا فوقه مظلة، وبعد وقت من الزمن تم استحداث فكرة المصابيح المنيرة فوق المئذنة قبل آذان المغرب حتى يعلم الناس وقت صلاة المغرب، ومكان المسجد في الوقت نفسه، ثم صار إضاءة المآذن تقليدًا متبعًا في البلدان الإسلامية خاصة وقت العيد.

وترجع أغلب الآراء أن المنارات ظهرت بعد ظهور المساجد بوقت قليل، وكان ذلك تحديدًا في العصر الأموي، وكانت أول مئذنة شيدت على شكل منارة هي مئذنة المسجد الجامع في البصرة.

ويعد بناء المئذنة عبارة عن مدخل في البداية مؤدي إلى الصحن ثم سلم الصعود، الذي يبنى على شكل حلزوني في الغالب، ثم ينتهي البناء بالشرفة المرتفعة بالأعلى، ولتلك الشرفة أهمية كبيرة حيث يقف فوقها المؤذن ليرفع الآذان، وبالطبع حاليًا تم استبدال وجود المؤذن بالأعلى إلى مكبرات الصوت.

ويجب أن تحيط المئذنة جهات أربع ليؤذن فيها المؤذن، ويميز الجزء الثالث بالمئذنة بأنه هو الذي تعلو فوقه قبة المؤذن، ويسمى باسم “الجوسق” أما المنارة نفسها فلا يوجد قانون خاص بمعمارها، فأحيانًا تبنى في زوايا المسجد، أو الناحية الغربية أو الشمالية من المسجد، وأحيانًا توجد في الجزء الجنوبي، وأحيانًا منفصلة كما هو الشائع في إيران.

وتبنى المآذن في الغالب داخل إيران من الحجارة والجص، أما شكلها فهي تتميز بثنائيتها وتذهيبها إلى جانب الشكل المتميز لها.

المئذنتان المتحركتان

تعد المئذنتان المتحركتان أو المنارتان المتحركتان من أشهر المعالم السياحية داخل إيران، والتي تعد مكانًا يقبل عليه السياح في الغالب، وقد تم إقامتهما فوق ضريح أحد الزهاد الذي يسمى “عمو عبد الله الكارلاداني” وذلك في قرية “كارلادان”.

وتعود شهرة هاتين المئذنتين إلى أنه عندما تتحرك إحداهما تتحرك الأخرى معها، وقد ظلت حركة المئاذن موضوعًا لاهتمام العلماء حول العالم، ولم يستطع أحد تفسير حدوث هذه الظاهرة بشكل علمي بحت أو بشكل نهائي، إلا أن البعض يرجع ذلك لظواهر أو عوامل فيزيائية.

منارة/مئذنة الأربعين عذراء

تعد مئذنة “الأربعين عذراء” واحدة من آثار العصر السلجوقي في القرن السادس الهجري داخل إيران، وقد أخذت شهرتها من زخارفها البديعة ونقوشها المتميزة، كما كتب عليها بالخط الكوفي آيات قرآنية مازالت موجودة حتى الآن.

مئذنة/منارة الحادي أو الجمَال

تعد تلك المئذنة من أجمل آثار العصر السلجوقي، ويصل ارتفاعها إلى 54 مترًا، ومحيط قاعدتها إلى 14 مترًا، وتضم سبعة أجزاء من أسفلها إلى أعلاها، الأول من الآجر البسيط، والثاني والثالث زخارف آجارية، أما السادس فهو التاج الثاني للمنارة، أما السابع فهو رأسها وأعلاها.

ومن المآذن الايرانية الاخرى التي تتمتع بفن معماري رائع مئذنة تشهل دختران (بالفارسية: مناره چهل دختران) وهي مئذنة تاريخية تعود إلى القرن السادس الهجري، وتقع في أصفهان، ومئذنة الشمس التبريزي (بالفارسية: مناره شمس تبريزي) وهي مئذنة تاريخية تعود إلى القرن سادس الهجري، وتقع في خوي، ومئذنة جامع ساوة (بالفارسية: مناره مسجد جامع ساوه) هي مئذنة تاريخية تعود إلى عصر الدولة السلجوقية، وتقع في ساوة، ومئذنة خسروغرد (بالفارسية: مناره خسروگرد) هي مئذنة ومنارة تاريخية تعود إلى القرن السادس الهجري، وتقع في سبزوار، ومسجد ومئذنة علي (بالفارسية: مسجد و مناره علي) هو مسجد ومئذنة تاريخي يعود إلى عصر الدولة السلجوقية، ويقع في أصفهان، ومئذنة كلبايكان، والمعروفة أيضًا ببرج كلبايكان، هي مئذنة تاريخية في مدينة كلبايكان في إيران. وهي واحدة من أعلى مآذن القرن الحادي عشر. تقع المئذنة في شارع الإمام الخميني، مقابل حديقة الفانوس.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار صورة و تعليق
أهم الأخبار صورة و تعليق
عناوين مختارة