قم المقدسة.. مدينة من ذاكرة التاريخ العريق + صور


قم المقدسة.. مدینة من ذاکرة التاریخ العریق + صور

مدينة قم واحدة من الأماكن الطاهرة التي تضم جدثاً شريفاً من سلالة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) مما رفع من مكانة هذه المدينة، وجعلها تفخر بأن تكون مثوى للسيدة الجليلة "فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر" سابع الأئمة الأطهار عليهم السلام.

الموقع الجغرافي وعدد السكان

تقع قم على بعد "150" كيلومتراً إلى الجنوب من طهران "عاصمة إيران".. وتبعد عن خط الاستواء بمقدار (5/34) درجة، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر "975" متراً. ويزيد عدد سكان قم على المليون نسمة. وتعتبر إدارياً "قضاء" من الدرجة الأولى تابعاً لمحافظة أراك. 

سبب التسمية

هناك أقوال متعددة في ذلك منها: أنها في الأصل كانت "كوميدان" ثم خففت، فصارت "كم" ثم عربت إلى "قم". ومنها: أنها سميت باسم حصن "كم" الذي يقع على بعد حوالي "20" كيلومتراً إلى الجنوب الغربي منها، وكان يعرف بجودة زعفرانه.. والزعفران "الكمي" عرب في كتب التاريخ إلى "الزعفران القمي" وقيل في وجه نسبته غير ذلك. ومنها أن جماعة من اهل البادية نزلوا في هذا الموقع، وكان كثير الحفر التي يتجمع فيها الماء، ونصبوا خيامهم، وسرحوا مواشيهم، وبنوا بيوتاً، وأسموا تلك البيوت بـ"كومة" ثم خففت، فصارت "كم" ثم عربت إلى "قم".وهناك اقوال أخرى لا مجال لاستقصائها.

التأسيس

تعتبر قم من أقدم مدن إيران ويدل على قيامها الآثار التي ذكر ياقوت الحموي أنه عثر عليها. وبأنه قد وردت الإشارة إليها في عدة كتب تاريخية قديمة ويستفاد من "شاهنامة الفردوسي" أن أبا موسى الأشعري قد افتتحها سنة 23ﻫ، إلا أن بعض المؤرخين يرى أن تأسيسها قد كان في عهد الإسلام على يد الأشعريين بعد هجرتهم من الكوفة، وإن اختلفوا في أن تأسيسها كان سنة 83 ﻫ. او 94 أو 203ﻫ إلا أنه من الواضح عدم صحة القول الأخير، حيث إن قم كانت موجودة قبل سنة 201ﻫ بصورة بدائية بدليل أن التاريخ يذكر أن فصلها عن اصبهان – بعد أن كانت تابعة لها إدارياً – حدث سنة 189ﻫ. بالإضافة إلى أنه يحدثنا أن السيدة فاطمة بنت الإمام موسى(ع) قد قدمت قم سنة 201ﻫ، وتوفيت بعد ورودها بـ 17 يوماً، ودفنت في مكان يدعى (بابلان) ثم بعد ذلك كثر البناء حول مرقدها الشريف.

وقد نسب صاحب كتاب (بستان السياحة) بناءها إلى الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد عبد الملك بن مروان. وفي ترجمة تاريخ قم قال: إن منطقة قم قد فتحت على يد الأحنف بن قيس سنة 23ﻫ، إلا أنه لم يصرح بأن مدينة قم كانت موجودة في ذلك التاريخ.

من هي السيدة المعصومة ؟

هي السيدة فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم (ع) وكانت معروفة بالورع والتقوى كما أنها كانت موضع احترام من الأئمة وتعظيم من الامة لما كانت تتمتع به من صفات إسلامية عالية، وأخلاق نبيلة بالإضافة إلى نسبها الجليل كما انها قد روت الحديث عن الأئمة(ع). وقد كانت قد قدمت من (المدينة) قاصدة (مرو) لملاقات أخيها الإمام الرضا(ع) إلا أنها عندما وصلت إلى "ساوه" مرضت فسألت عن المسافة بين ساوة وقم فأجيبت بأنها عشرة فراسخ فطلبت أن تنقل إليها وأقامت فيها سبعة عشر يوماً في بيت موسى ابن خزرج الذي كان قد خرج لاستقبالها، وأخذ بزمام ناقتها إلى بيته حتى وافاها الأجل وذلك سنة 201ﻫ، ودفنت في مكان يملكه موسى هذا يقال له "بابلان" ولم يكن فيه آنئذ أي بناء. وبعد دفنها في ذلك المكان بدأ الناس يبنون بيوتهم حول مرقدها وتركوا قلاعهم الأولى وهكذا.. تحول الموقع إلى مدينة عامرة لها أهميتها ودورها البارز في التاريخ الإسلامي.

حرم السيدة المعصومة

والمرقد بناء يتجلى فيه الفن المعماري الإسلامي، وتزينه النقوش الرائعة الجميلة مما يجعله في غاية العظمة والجلال. ومساحة البناء بما في ذلك الحرم والأروقة والأواوين والصحن القديم والصحن الجديد وصحن النساء المعروف الآن بمسجد الطباطبائي أو "موزه" والمكان المعروف بمسجد فوق الرأس ومقابر ملوك الصفوية وغيرها – مساحته – (13527) متراً مربعاً، منها (1919) م مربعاً مساحة الأرض التي تحت البناء والبقعة عن صحني الحرم.

قبة الحرم هرمية الشكل قاعدتها ثمانية أضلاع بين كل ضلع وآخر (70/2) متر. طول كل ضلع منها (3/8) متراً، وقد اثبت في كل ضلع شباك من الذهب أو الفضة أو غيرها. وارتفاع القبة عن سطح البناء (16) متراً.. محيطها من الداخل (66/28) متراً ومن الخارج (35/60) متراً وهي من الخارج مكسوة بصفائح الذهب، عليها كتابات وأشعار جميلة باللغة الفارسية، ومن الداخل زينت ايضاً بالنقوش البارزة الجميلة وبالمرايا، وتحت القبة ضريح من الفضة، مزين أعلاه بالذهب بمقدار متر من جميع الجهات، كما أنه قد زين بكتابات ونقوش في غاية الروعة والجمال.

وارتفاع هذا الضريح (4) أمتار وطوله (25/5) م وعرضه(73/4) م هناك الإيوان الواقع في الجهة الشمالية من الحرم والمتصل بالصحن القديم والذي يبلغ ارتفاعه (80/14)م وعرضه (70/8)م وطوله (9) م. وهو مذهب من الداخل وفيه نقوش بارزة محلاة بالذهب وفوقه مئذنتان مستديرتا الشكل ارتفاع كل منهما من وجه الأرض (20/32) م وقطر كل منها (5/1) م أعلاهما مذهب ويعرف هذا الإيوان بـ (إيوان الذهب).

وفي الجهة الشرقية إيوان آخر متصل بالحرم بواسطة رواق مزين بالمرايا كما أنه متصل بالصحن الجديد وارتفاعه (80/7) م وعرضه (87/7) م وطوله (9)م وله أربعة أعمدة من الحجر ارتفاع كل منها (11) م وشكله نصف هرمي مزين بالمرايا والنقوش البارزة من الداخل. وفوق هذا الإيوان مئذنتان ارتفاع كل منهما عن سطح الأيوان (28) م ومحيطها (30/3) م وهما أعلى ما في الحرم ولهما أهميتهما من حيث الفن المعماري ومن حيث النقوش الجميلة والكتابات التي تزينها.

ويقع الصحن القديم في الجهة الشمالية من الحرم المطهر وطوله (70/35) م في عرض (70/34) م تحيط به الغرف من ثلاثة جوانب، وفي الجهة الرابعة منه يقع الحرم وإيوان الذهب. وله بابان الشرقي منهما يتصل بالصحن والغربي يفتح على المسجد الأعظم وباب ثالث يفتح على المدرسة الفيضية أما الصحن الجديد ويعرف بالصحن الأتاباكي، فيقع في الجهة الشرقية للحرم وهو أوسع من القديم وله ثمانية أضلاع فالشرقي والغربي طول كل واحد منهما (6/78) م وطول كل من الشمالي والجنوبي (8/46) متراً والاربعة أضلاع الأخرى طول كل واحد منها (7/3) أمتار.

ومن مدخل هذا الصحن من جهة شارع (ارم) يوجد خمسة أضلاع طول الشمالي والجنوبي (10) أمتار، وضلعان مربعان طول كل منهما (8/5) متراً. وفي هذا الصحن أربعة أواوين شرقي وغربي وجنوبي وشمالي، أما الغربي فقد تقدم الحديث عنه، وأما الشرقي وهو المدخل المتصل بشاعر (ارم) فطوله (8/7) وعرضه (30/7) وارتفاعه (6/13) متراً وفيه نقوش جميلة بارزة فوقه بناء فيه ساعة كبيرة ومئذنتان صغيرتان ارتفاعهما عن وجه الأرض (5/13) متراً.

واما الشمالي وهو المدخل المواجه لشارع (الاستانة) فارتفاعه (80/12) وطوله (7) وعرضه (40/4) متراً ويماثله الجنوبي في جميع ذلك وعلى كل واحد من هذه الأواوين مآذن جميلة صغيرة الحجم. وفي وسط  هذا الصحن حوض بيضوي الشكل طوله (5/19) وعرضه (60/12) م  وتحيط الصحن (31) غرفة لكل إيوان خاص بها طوله (3) امتار بعرض (2) م إلا ثمانية أو اوين فإن طول كل واحد منهما  (60/6) بعرض (3.20) م له عمودان من الحجر وكل ما ذكرناه من الأبنية مزين بالنقوش الجميلة والقاشاني كأروع وأحسن ما يكون.

وهناك صحن النساء ويقع في الجهة الجنوبية من الحرم وفي الضلع الغربي من الصحن الجديد "الأتابكي" وهو ما يعرف الآن بصحن موزة (المتحف) أو مسجد الطباطبائي طوله 24 متراً وعرضه (60/19) متراً. فوق هذا الصحن قبة فضائها (17) متراً وارتفاعها (17) متراً أيضاً، وقد استمر البناء في هذه القبة من سنة 1360ﻫ إلى سنة 1370ﻫ، ويحمل القبة عدة أعمدة مزينة بالرخام وفي أعلاها النقوش الجميلة. وقد زينت جميع أطراف المسجد بالنقوش البارزة المطعمة بالمرايا. وهذا الصحن متصل بالحرم برواق طوله (8/7) أمتار وهو من أحسن مباني الحرم المطهر وأجملها.

ومسجد فوق الرأس بناء جميل كان في الأصل مقبرة طوله (48) متراً بعرض (14) وارتفاعه (12) متراً، ليس فيه أي عمود، وهو أيضاً مزين بالنقوش الجميلة والكتابات بالكاشي. وهناك متحف الحرم، ويدخل إليه من نفس صحن النساء، وله طريق آخر من الخارج من شارع "موزة"، أي متحف، وهو يتألف من قسمين: الأول طوله (60/70) متراً، وعرضه (90/4) متراً، والثاني طوله   (20/15) بعرض (50/5) متراً، وهو يضم الهدايا والنفائس التي أهديت للحرم المطهر على مر الزمن من قبل الملوك والأعيان وغيرهم.

تجديد عمارة الحرم والصحن

عندما توفيت السيدة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر(ع) دفنت في أرض لموسى بن خزرج تسمى بابلان. وأقام أبناء سعد الأشعري على قبرها خيمة من الحصر المصنوعة من القصب إلى أن جاءت زينب بنت الإمام الجواد(ع) وبنت على القبر قبة هي أول قبة تقام على ذلك القبر، وكان للبناء باب صغير إلى جهة النهر الذي يفصل بين شطري قم الآن، واستمر الحال على هذا إلى سنة 350ﻫ حيث جاء زيد بن أحمد بن بحر الأصفهاني وبدل ذلك الباب الصغير بباب أكبر منه.

وفي عهد طغرل السلجوقي (429-465) ﻫ. هدمت القبة الصغيرة، وبني بدلاً عنها قبة أخرى أكبر منها وأعلى وافخم، وكان الذي قام بهذا العمل الأمير أبو الفضل العراقي، من أمراء طغرل واستمر الحال على هذا فكان يتجدد بناء المرافق والملاحق للمزار من دون أن يتجدد بناء القبة إلى زمان الصفوية حيث بدأت التغييرات والتجديدات في عهدهم بصورة أوسع فهدمت القبة السلجوقية في سنة (925) وبني مكانها قبة أعلى وأفخم وأحسن منها تقوم على ثمانية أضلاع وكانت مزينة من الخارج بالكاشي واما من الداخل فقد كانت منقوشة بالذهب واللازورد وكان الذي قام بهذا العمل امرأة اسمها "شاه بيكم بنت عماد بيك" وكانت هي امرأة الشاه إسماعيل الصفوي أول الملوك الصفوية، وهذه القبة باقية حتى الآن على المرقد الشريف بتغييرات في داخل القبة وخارجها، ولم يكن هناك إيوان ولا صحن ولا وضع ضريح من الداخل واستمر الحال على هذا إلى زمان الصفوية حيث بدأت التغييرات والتجديدات من عهدهم وبالتحديد من سنة (906).

وفي سنة (925) بنى شاه إسماعيل أو امرأته الإيوان الشمالي المتصل بالصحن القديم وزينه بالكاشي (المعرق) وجعله المدخل الوحيد للحرم، كما أنه أي شاه إسماعيل قد وضع الأساس للصحن القديم، وفي سنة (950) ﻫ بنى الشاه طهماسب ضريحاً على المرقد المطهر وكان من الكاشي، وفي سنة (1077) ﻫ بنى شاه سليمان الصفوي صحن النساء في الجهة الجنوبية من الحرم واصبح هذا الصحن طريقاً خاصاً لمقبرة الشاه سليمان والشاه عباس والشاه سلطان حسين إذ من المعلوم أن مدخل هذه المقبرة كان من هذا الصحن فقط.

هذا وقد وضع الشاه عباس على ذلك المرقد المطهر ذلك الذي كان قد زين بالكاشي قفصاً من الفولاذ الأبيض وكان من إتقان الصنع بحيث أوجب أن يظن الرحالة المشهور (تاورينة) أنه من الفضة. كما أن مرتضى قليخان أحد رجال الدولة الصفوية قد جدد بناء إيوان الحرم، وبعد عهد الصفوية وبالتحديد في سنة (1218) ﻫ رفع الكاشي عن القبة ووضع بدلاً عنه لبنات من الذهب، وفي سنة (1236) بني مسجد فوق الرأس، وفي سنة (1266)ﻫ جدد بناء أيوان الشاه إسماعيل، وفي ذلك الوقت أيضاً وسع الصحن العتيق وبني من الجهة الشمالية منه مئذنة.

وفي سنة (1221)ﻫ فرشت أرض الحرم وجدرانه بالرخام كما زين الضريح بالذهب ووضع أول باب ذهبي في الضلع الشمالي للرواق المتصل بإيوان الذهب الشمالي، وفي سنة (1215)ﻫ زين داخل القبة بالنقوش البارزة والمرايا والكتابات الجميلة، وفي سنة (1376) زين إيوان الشاه إسماعيل بلبنات الذهب، وفي سنة (1375)ﻫ لبس الضريح الفولاذي بالفضة وزين بالنقوش والكتابة.

وبنى شهاب الملك مآذن الإيوان الشمالي وزينها بالكاشي ووضع (كامران ميرزا) قضبان الذهب في أعلاهما، وشرع أمين السلطان ببناء الصحن الجديد المعروف بالصحن الأتابكي ووضع أسسه لكن الأجل عاجله فأكلم العمل بعده ولده أمين السلطان والوزير الأعظم أتابك وجعل في الجهة الغربية من الصحن إيواناً زينه بالمرايا من الداخل والكاشي من الخارج وبنى حول الصحن غرفاً متعددة أصبحت فيما بعد مقابر للأعيان والأشراف، كل ذلك مزين بالكتابة والنقوش الجميلة، وقد انتهى من ذلك كله سنة (1303)ﻫ.

وفي سنة (1346)ﻫ جرت بعض الاصلاحات في صحن النساء وبني إيوان فيه. وفي سنة 1210-1214ﻫ وضع (نظام السلطنة) بابين من الفضة في الضلع الغربي من الحرم، وفي سنة (1354)ﻫ. أحدث متحف للإستانة في الطرف الغربي من صحن النساء ووضع فيه جميع الهدايا والنفائس التاريخية.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة