خبير في العلاقات الدولية: أفول الولايات المتحدة يتخذ شكلاً هيكلياً وتدريجياً

خبیر فی العلاقات الدولیة: أفول الولایات المتحدة یتخذ شکلاً هیکلیاً وتدریجیاً

اكد الأستاذ المساعد في قسم العلاقات الدولية بجامعة العلامة الطبطبابي الدكتور علي رضا كوهكن، ان أفول الولايات المتحدة يتخذ شكلاً هيكلياً وتدريجياً.

وعقد اللقاء الثامن من سلسلة اللقاءات التحضيرية للمؤتمر الدولي "عالم ما بعد أمريكا" يوم السبت الموافق 9 أكتوبر من العام الحالي، وذلك بحضور مجموعة من الأساتذة والباحثين في مجال العلاقات الدولية بجامعة العلامة الطباطبائي.

وفي هذا اللقاء اشار الدكتور على رضا كوهكن إلى الدبلوماسية الأمريكية العامة، للتعرف على بوادر الجهود الأمريكية لإبطاء عملية الانهيار والأفول، وأضاف: " تكشف الدبلوماسية الأمريكية العامة خلال فترة رئاسة جو بايدن، ومقارنته بحالة الدبلوماسية في عهد ترامب، تظهر حقائق تظهر الضعف الهيكلي للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة".

ومضى كوهكن يقول إن الدبلوماسية العامة لترامب في رأي خصومه وأنصاره، قد ألحقت أضرارًا بالولايات المتحدة محليًا ودوليًا، لا يمكن إصلاحها، وأضاف: "لم تكن دبلوماسية ترامب مبنية على هيكل تقليدي متعارف عليه، وفي النهاية ألحقت أضرارًا بالغة بالقوة الناعمة، وفي ثقة المجتمع الدولي في الولايات المتحدة، ودورها التنظيمي حيث سعى ترامب إلى دفع صورة الولايات المتحدة في الاتجاه الذي يريده".

وأشار إلى أنه في مجال الدبلوماسية العامة في عهد ترامب، سارت عملية العلاقات والإعلام بطريقة غير تقليدية، الأمر الذي تسببت في حد ذاتها في إلحاق أضرار جسيمة بصورة هذا البلد، مضيفاً: "لقد سيطر ترامب وفريقه على عملية المعلومات والتوضيح وتجاهلوا العمليات والقضايا الأخرى. حيث أدلى ترامب بمعظم المعلومات الرئيسية للسياسة شخصيًا وعبر حسابه في تويتر. كان لهذه العلاقة أثراً إيجابياً في المراحل الأولى، حيث أظهرت علاقة أعلى مسؤول أمريكي بالشعب، لكن كان لها عدة عواقب منها أن الصورة العامة للولايات المتحدة قد واجهت العديد من التحديات. إذ يتوجب على الحكومة أن تخلق النظام بمعناه التقليدي؛ كما يجلب هذا النظام ميزة القدرة على التنبؤ بينما في عهد ترامب، فقدت القدرة على التنبؤ في كل من مجال صنع السياسات وصنع القرار ففي كل يوم، كان له كلمة مختلفة، وهذه المشكلة هذه المشكلة كانت موجودة على الصعيدين المحلي والدولي".

وذكر بأن بايدن كان يحاول تغيير هذا الاتجاه والعمل بالطريقة التقليدية للإعلام تعويضاً عن انعدم الثقة، وأضاف: "سعى بايدن إلى عكس الوضع الراهن للآليات والدبلوماسية العامة، ومحاولة تجنب الأساليب غير التقليدية في إبداء الرأي والإدلاء بالمعلومات، والتركيز أكثر على وسائل الإعلام، بينما تجاهل ترامب جزءًا كبيرًا من وسائل الإعلام وكان يشتبك باستمرار مع معظم وسائل الإعلام حتى نهاية رئاسته".

وقال الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية بجامعة العلامة طباطبائي، إن الكشف عن العديد من المواقف العنصرية والمتغطرسة لأمريكا الحقيقية خلال حقبة ترامب التي كانت عاملاً آخراً في تسريع عملية أفول الولايات المتحدة، وذكر:  لطالما اتبعت الولايات المتحدة مواقف مهينة وابتزاز في سياساتها، لكن كان ذلك يتم بصورة غير علنية إلى ما قبل عهد ترامب، لكن ترامب أعلن عن هذا النهج بطريقة مهينة. توصل الحلفاء مثل اليابان والمكسيك وكوريا والمملكة العربية السعودية إلى أدبيات مغايرة للأدبيات المتعارف عليها قبل سنوات، وقد وجهت ذلك ضربة قاسية لصورة الولايات المتحدة والسياسيين وحتى الشعب الأمريكي أمام المجتمع الدولي؛ وكذلك بما يخص العنصرية وعلى الرغم من وجود هذه النظرة لتفوق البيض، إلا أنها أصبحت علنية بعد قتل السود من قبل الشرطة الأمريكية وتصريحات ترامب.

في إشارة إلى جهود ترامب للتركيز على الصورة القائمة على السلطة والمتمحورة حول الذات، اعتبر كوهكن بأن بايدن يواجه تحديًا خطيرًا في هذا الصدد، مضيفًا: "إحدى التحديات الأمريكية الكبرى اليوم هي مشكلة تصوير الرئاسة وتوضيحها. فقد كان ترامب يتمتع بشخصية أنانية وحاول تحديد موقع الرئاسة من خلال التركيز على شخصيته، وهي قدرة غير موجودة في بايدن على الإطلاق؛ تعد مشاكل بايدن العقلية والفسيولوجية وحتى الذاكرة من بين العوامل التي تمنع حدوث هذا التركيز. اعترافًا منه بحالة الولايات المتحدة غير المنظمة وشعار إعادة أمريكا الضعيفة إلى أوجها، سعى ترامب إلى لفت الانتباه إلى نفسه، ولكن مواءمة السنوات الأخيرة من رئاسته مع تحديات خطيرة مثل كورونا وعدم قدرته على التغلب عليها قد أضر بشكل أكبر بصورة أمريكا العالمية، وقوض جهود ترامب السابقة".

واعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العلامة الطباطبائي أن الصورة المشوهة للولايات المتحدة على الساحة الدولية هي أحد أسباب الانهيار والأفول الخطير لمكانة الولايات المتحدة، وأضاف: "لا يمكن إصلاح هذه الصورة المشوهة والتالفة قريبًا، فعلى سبيل المثال، وبينما الأمريكيون يشددون على شعار الحلم الأمريكي منذ سنوات وهو الأرض المجهولة والحلم الذي هو أمريكا ... وهو شعار لم يكن أكثر من كذبة، وأظهرت أزمة كورونا بوضوح أن أرض الأحلام هذه غير قادرة أيضًا على إدارة الأزمة، على الرغم من كل ادعاءاتها بامتلاكها قدرات غير عادية وشعب مثقف للغاية".

ووصف كوهكن منافسي الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي بأنهم تحد خطير للدبلوماسية العامة الأمريكية، وقال: "فيما يتعلق بالدبلوماسية العامة والقوة الناعمة، يوجد لدى الولايات المتحدة خصوم، فبالإضافة إلى محاولتهم إلى تعزيز قوتهم، يقومون بمهاجمة الولايات المتحدة ويصادف أنهم منافسون أقوياء. يتمتع هؤلاء المنافسون بقدرات عالية في البنية التحتية للاتصالات وأدوات الاتصال ووسائل الإعلام وتقوم الصين، على سبيل المثال، بتطوير تقنية الإنترنت من الجيل الخامس لاستخدام البنية التحتية للاتصالات لدفع الولايات المتحدة جانبًا لتتمكن من تقديم وجهات نظرها".

وفقًا للباحث في العلاقات الدولية، بشكل عام، بشكل عام، على الرغم من أ نه قد تم في عهد بايدن بذل الجهود لتحسين الدبلوماسية العامة والتعويض عن الأضرار التي لحقت بها في عهد ترامب، لكن يجب أن نعتبر حالة الدبلوماسية الأمريكية العامة آخذة في الانهيار والأفول.

جهود الولايات المتحدة لكبح جماح الصين 

واستكمالاَ للقاء الثامن من سلسلة اللقاءات التحضيرية للمؤتمر الدولي "عالم ما بعد أمريكا"، أوضح الدكتور مرتضى نور محمدي، الأستاذ المساعد بقسم العلاقات الدولية في جامعة العلامة الطباطبائي، مشدداً على أن أفول الولايات المتحدة هو عملية تدريجية وموضع إجماع مفكرين داخل وخارج الولايات المتحدة، وأضاف: "إن موضوع الأفول ليس جديداً، ويمكن البحث عن رفضها ملاحظتها في آراء مختلف المنظرين، وخاصة بعد ثمانينيات القرن الميلادي الماضي، وكذلك في أعمال مختلف المنظرين".

 وصرّح الدكتور نور محمدي بأن التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة اليوم هو الانحدار إلى نقاط ضعف اقتصادية خطيرة، وقال: "يمكن رؤية أحد المظاهر الخطيرة لأفول أمريكا على الساحة العالمية في ضعف الولايات المتحدة في المنافسة الاقتصادية مع الدول الأخرى التي تدعي القوة في جميع أنحاء العالم. ومن الأمثلة الواضحة على هذا الضعف المواجهة الاقتصادية الأمريكية مع الصين، والتي وضعت الولايات المتحدة على منحدر. لقد ضاقت الفجوة الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة اقتصاديًا في السنوات الأخيرة، وفي بعض الأحيان تمكنت الصين من تسريع تنميتها بشكل أسرع من الولايات المتحدة".

وقال الباحث في العلاقات الدولية، أن الصراع الاقتصادي الصيني يهدف إلى السيطرة على الصين كإحدى الأولويات الرئيسية للولايات المتحدة، وأضاف: "أدت عدم الثقة في وعود ومواقف الولايات المتحدة إلى جانب السياسات المكلفة وفرض التكاليف الباهظة على الولايات المتحدة، انتقلت المنافسة في هذا المجال مرحلة جديدة، وليس أمام الولايات المتحدة خيار سوى اتخاذ خيارات حساسة، الاختيارات التي تشير جميعها إلى انهيار وأفول مكانة البلاد في الساحة الدولية".

كان انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان اختيارياً

وذكر بأن مغادرة أفغانستان كان أحد الأمثلة على ضعف الولايات المتحدة في الحفاظ على مصالحها وتقليص منحنى الأفول في المنطقة، ووأوضح: "إن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان الذي تم تنفيذه خلال عهد بايدن، جاء نتيجة قرار وليس إكراهاً. قرار جاء نتيجة لتسارع عملية الأفول، لكن حدث هذا أن هذا في وقت قصير وفي موقف أظهر للعالم صورة سلبية ومهينة للولايات المتحدة، إلا أنه كان من اختيار الولايات المتحدة وكان القصد منه خفض الضرر. في الواقع التكلفة العالية للوجود الأمريكي في أفغانستان لم يلحق الضرر في البلاد فحسب، بل أدى أيضًا إلى تباطؤ كبير في تنميتها الاقتصادية مقارنة بالصين.

وبحسب د.نور محمدي، فإن عملية الانسحاب الأمريكي وقراراتها التي بدأت خلال رئاسة أوباما، نوقشت بجدية في عهد ترامب، وكان بايدن مجرد منفذ لهذه السياسة. سياسة أظهرت أن الولايات المتحدة تسعى فقط لمصالحها الخاصة ومستعدة لتهديد مصالحها الأخرى في المنطقة في منافسة اقتصادية مع الصين، وهذه القضية تظهر بوضوح أفول الولايات المتحدة في ميدان السياسة الخارجية والعسكرية".

كما ذكر الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية بجامعة العلامة الطباطبائي، بأن خيار مغادرة أفغانستان كان جزءًا من عملية لخدمة مصلحة الولايات المتحدة. وقال: "إذا قبلنا بأن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ليس إكراهًا بل خيارًا، ومن أجل الحد من أفول مكانة هذه البلاد في المنطقة، يمكننا أن نتبنى استراتيجيات أكثر منطقية وبعيدة النظر في المنطقة والعالم".

جدير بالذكر بأنه سيتم تنظيم المؤتمر الدولي الثاني "أفول أمريكا؛ عالم ما بعد أمريكا" في جامعة الإمام الحسين الشاملة (ع) والأمانة العامة لمجلس تشخيص مصلحة النظام، بالتعاون مع الجامعة والمعاهد البحثية في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني.

ولمزيد من المعلومات، يمكن للمهتمين الرجوع إلى الموقع الإلكتروني للمؤتمر على www.usdecline.ir والصفحات الافتراضية لأمانة المؤتمر على وسائل التواصل الاجتماعي على العنوان التالي  @usdecline.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة