محلل سياسي: الأمريكيون فشلوا في نقل ديمقراطيتهم وأفكارهم ونظامهم الليبرالي إلى دول العالم

محلل سیاسی: الأمریکیون فشلوا فی نقل دیمقراطیتهم وأفکارهم ونظامهم اللیبرالی إلى دول العالم

اكد محلل السياسة الخارجية يوسف عزيزي، أن أفول الولايات المتحدة قد بدأ بالفعل، عندما غزت الولايات المتحدة العراق وأفغانستان. فقد اعتقد الأمريكيون أن باستطاعتهم نقل ديمقراطيتهم وأفكارهم ونظامهم الليبرالي إلى جميع دول العالم دون النظر إلى الخلفية الثقافية والتاريخية والأيديولوجية والدينية.

وفي الاجتماع السادس من سلسلة اجتماعات المؤتمر الدولي الثاني حول أفول أمريكا؛ عالم ما بعد أمريكا، الذي نظمته الأمانة العامة لمؤتمر "بداية عالم متعدد الأقطاب ونشوء نظريات غير غربية في العلاقات الدولية"، بحضور د. يوسف عزيزي، محلل السياسة الخارجية. وفي معرض حديثه، نقل الدكتور عزيزي عن جون ميرشايمر قوله أنه قبل عامين من سقوط الاتحاد السوفيتي، في أواخر عام 1991، كانت فرنسا وبريطانيا قلقتين للغاية بشأن إعادة توحيد ألمانيا لأنهما لم تتوقعا رؤية قوة أخرى في أوروبا. بناءاً على هذه الحادثة، أكد د.عزيزي أن فكرة الديمقراطيات لا تحارب بعضها البعض، وليس من الصواب دائماً إظهار حسن السلوك والسلامة.

ويرى أنه الآن في العلاقات الدولية، وكما في التسعينيات، كان كل شيء في حالة من الغموض، وأنه كان من الصعب على العديد من الأمريكيين أن يعتادوا على فكرة لا للحرب الباردة، لأنهم ولدوا في ظل ثقافة الحرب الباردة، قال د.عزيزي أنه في التسعينيات، فشل العدو القوي، أي الاتحاد السوفيتي، لكن المجتمع الصناعي العسكري الأمريكي أراد أن يظهر بأن العالم لا يزال غير آمناً، وأن الأمريكيين لديهم أكثر من 800 قاعدة خارج الولايات المتحدة، لأنهم أرادوا الاقتراب قدر الإمكان من حدود روسيا.

وأضاف: " الآن ، بالنظر إلى ما حدث في الولايات المتحدة ، "نرى الجيل Z المولود في القرن الحادي والعشرين يشهد هزائم الولايات المتحدة في حربي أفغانستان والعراق، والأزمة الاقتصادية العالمية عامي 2007 و 2009،  وصعود ترامب وظاهرة الترامبية والتي تشمل الكراهية والعنصرية والتطرف في المجتمع الغربي، والأهم من ذلك، أنهم شهدوا خيانة الليبراليين الديمقراطيين وحكامهم في إدارة شؤونهم الداخلية والأزمات العالمية مثل تغير المناخ".

يعتقد د.عزيزي أنه يجب أن يكون لدينا نظرية أو نظريات غير غربية في العلاقات الدولية والتي تستطيع أن تُطبّق في عالم متعدد الأقطاب. وإذا لم نكن مستعدين لهذه اللحظة، فإن المفكرين الغربيين ذوي العقلية الغربية سوف يملأون هذه الفجوة بأفكارهم قصيرة النظر والمثيرة للسخرية، كما حدث في تسعينات القرن الماضي.

وأشار إلى أن النظريات غير الغربية للعلاقات الدولية بعيدة كل البعد عن الحقيقة، ويعتقد أن مفهوم سياسة القوة لن يتغير كثيرًا لأن المفاهيم الأساسية لجميع الحكومات هي القوة والأمن. وذكر أن ما حدث في القرنين الـ 20 و الـ 21 كان ظلماً وكارثياً للبشر معرباً عن أمله في أن يجلب النظام العالمي الجديد الأمن والتقدم لجميع دول العالم.

وأضاف بأن أفول الولايات المتحدة قد بدأ بالفعل، أي منذ بداية القرن الحادي والعشرين عندما غزت الولايات المتحدة العراق وأفغانستان. فقد اعتقد الأمريكيون أن باستطاعتهم نقل ديمقراطيتهم وأفكارهم ونظامهم الليبرالي إلى جميع دول العالم دون النظر إلى الخلفية الثقافية والتاريخية والأيديولوجية والدينية وما إلى ذلك لهذه البلدان، ثم واجهوا أزمات كالأزمة الاقتصادية.

كما ذكر د.عزيزي بأن الولايات المتحدة في حالة الأفول، ولكن لا ينبغي أن نقلل من شأنها. وبدلاً من ذلك، يجب علينا عقد اجتماعات مع خبراء من الصين وإيران وروسيا وفنزويلا والدول المتأثرة بالعقوبات الأمريكية، والتركيز أكثر على دراسة وتحليل مثل هذه القضايا واستكشاف جميع جوانبها، ليس فقط من الناحية الاقتصادية والأمنية، حتى نتمكن من إيجاد المزيد من الأدوات لتحدي النظام الدولي الأمريكي.

وأضاف: من الناحية العسكرية، يمكن للصين وروسيا تحدي الولايات المتحدة. أما من الناحية الاقتصادية، فسوف تتحدى الصين الولايات المتحدة، لكننا ما زلنا بحاجة إلى إنشاء منظمة مالية دولية مستقلة بين هذه الدول، أو حتى جلب الدول الأوروبية معنا لتحدي الهيمنة الأمريكية في العالم. وهذه أداة قوية.

ويعتقد د.عزيزي بأن وسائل الإعلام وخاصة وسائل الإعلام الرئيسية مهمة للغاية. في وسائل الإعلام الأمريكية هناك توجه مستمر للترويج لرُهاب الصين ورُهاب روسيا ويجب علينا إيجاد طريقة لإدارة هذه القضية في السياسة الدولية.

تحدث الدكتور عزيزي عن مفهوم تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية وهو "أمريكا هي لهّاية أوروبا"، مما يعني أن الولايات المتحدة ستكون بمثابة اللهّاية للدول الأوروبية، وهم بحاجة إلى الولايات المتحدة كقوة أمنية. هو يعتقد بأن الدول الأوروبية بحاجة إلى قوة عسكرية أكثر استقلالية، قوة لا تعتمد على القوات الأمريكية مثل الناتو، وأن الدول الأوروبية لديها القدرة لتكون قوة عسكرية ذات قدرات عالية للغاية في النظام الجديد القادم. ولكن عليهم تحرير أنفسهم من قيود الهيمنة الأمريكية على مؤسساتهم المالية والأمنية.

وأشار د.عزيزي: من الناحية الاقتصادية فإن الصين تنمو بسرعة، وقريبًا في عام 2030 ستتفوق على الولايات المتحدة؛ كما يعد الجيش الروسي أحد أهم التحديات التي تواجه الولايات المتحدة. من ناحية أخرى، وفي الشرق الأوسط، إيران هي واحدة من أقوى الدول التي بدونها لن يتم حل أي أزمة في المنطقة. لذلك، يجب على هذه الدول أن تعمل معاً وأن تجد طريقاً لنظام مستقبلي جديد.

ثم أشار د.عزيزي إلى ثلاث محاضرات ألقاها البروفيسور جون ميرشاير في جامعة ييل حول فشل الهيمنة الليبرالية والنظام العالمي الليبرالي، ونقل عنه قوله أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 10 تريليونات دولار في أفغانستان والعراق على مدى السنوات العشرين الماضية، لكن في النهاية لم تربح شيئاً.

وبخصوص الأفكار والخلفيات المختلفة، أشار د.عزيزي بأن الليبرالية لا تحترم هذه القضايا وعندما يتعلق الأمر بالنظام العالمي، فهي تطلب من جميع البلدان بأن تتصرف بنفس الطريقة وأن تتبع قواعدها، وذلك في جميع جوانب الحياة البشرية مثل الاقتصاد والسياسة والثقافة. ووسائل الإعلام، وغيرها. ولكنهم تبنوا سياسة ازدواجية المعايير لأننا نرى أن هذه القوانين لا تطبق على الولايات المتحدة وإسرائيل، بل وبإمكانهم تجاهل تلك القوانين وتبرير موقفهم بكل سهولة. لذلك، فإن الهيمنة الليبرالية محكوم عليها بالفشل.

وأضاف: "عندما يحدث حدث ما في الولايات المتحدة، يجب ألا نخدع أنفسنا. فقد ذهب ترامب وجاء بايدن، لكن لم يحدث شيء. دول مثل إيران، روسيا والصين، يجب عليها أن تتحد، وبشكل عاجل، عليها إيجاد علاقة شاملة طويلة الأمد وعدم السماح للدول الغربية بحكم الساحة الدولية مرة أخرى".

وأشار د.عزيزي: عندما سأل ترامب كارتر، الرئيس الأمريكي السابق، عن الحرب والمواجهة مع الصين، سمع هذه الإجابة: "خلال أربعين، خمسين سنة منذ العلاقة بين الصين والولايات المتحدة، كنا دائماً في حالة حرب، باستثناء عامين، بينما الصين لم تكن في حالة حرب أبداً، باستثناء عامين، لذلك تمكن الصينيين من تحدي الولايات المتحدة في جميع المجالات".

وفي ختام كلمته، قال الدكتور عزيزي: " كان أوباما يعلم أنه في التعامل مع إيران لا يجب أن يطرح كل الخيارات على طاولة المفاوضات في نفس الوقت ، بل يجب أن يأخذها خطوة بخطوة ، حتى يمكن بناء الثقة بعد ثلاثين أو أربعين عاماً من العداء والعداء، لكن ترامب كان رجل أعمال ولم يعرف هذا، لقد استخف بقوة إيران الإقليمية وبقدرتها على التغلب على العقوبات. وينطبق الشيء نفسه على جو بايدن، الذي أراد التحدث إلى إيران بسرعة كبيرة حول القضايا الإقليمية، وهذه إحدى العقبات أمام المفاوضات. هناك طريقة للتحدث مع الولايات المتحدة حول القضايا الإقليمية، لكن يجب عليهم الحصول على ضمان بعدم خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعدم فرض عقوبات على إيران بعد الآن، وأن إيران ستستفيد من هذا الاتفاق".

و سيتم تنظيم المؤتمر الدولي الثاني "أفول أمريكا؛ عالم ما بعد أمريكا" في جامعة الإمام الحسين (ع) الشاملة والأمانة العامة لمجلس تشخيص مصلحة النظام، بالتعاون مع الجامعة والمعاهد البحثية في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني.

ولمزيد من المعلومات، يمكن للمهتمين الرجوع إلى الموقع الإلكتروني للمؤتمر على www.usdecline.ir والصفحات الافتراضية لأمانة المؤتمر على وسائل التواصل الاجتماعي على العنوان التالي  @usdecline

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة