الربط السككي بين إيران والسعودية.. التحديات والفرص

الربط السککی بین إیران والسعودیة.. التحدیات والفرص

من الضروري من أجل الاستفادة القصوى من الامكانات الاقتصادية لإحياء العلاقات الإيرانية السعودية أن يوضع "تحويل مشروع إحياء العلاقات إلى عملية تطوير العلاقات في المجال الاقتصادي والبنية التحتية" على جدول أعمال طهران.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن صحيفة الجريدة الكويتية نقلت عن كبير مراسلي صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية في شؤون الشرق الأوسط "جورج مالبرونو"، أن السعودية ترحب بربط السكك الحديدية بإيران. "مالبرونو" نقل في تغريدة عن رجل أعمال سعودي: أن الرياض تدرس الربط السككي مع إيران عبر الكويت والبصرة. وخلال زيارة محمد بن سلمان الأخيرة إلى فرنسا وعلى هامش منتدى الاستثمار الفرنسي السعودي في باريس، كان هناك حديث عن هذا الخط الحديدي الذي سيمر عبر الكويت والبصرة.

وبغض النظر عن صحة هذه الأخبار والرغبة والإرادة السياسية للجهات الفاعلة المشاركة في هذا المشروع، يجب بداية تحليل البنية التحتية الحالية في هذه البلدان الأربعة حتى يمكن مناقشة عن هذه الأخبار من منظور أفضل.

سكة حديد شلمجة - البصرة

هناك بعض الملاحظات الجادة فيما يتعلق بالتنفيذ الناجح لخط سكة حديد شلمجة - البصرة بطول 36 كم. أولا، وفقا للاتفاق، يجب إزالة الألغام المزروعة خلال الحرب المفروضة على مسار هذا الخط من قبل إيران، مما يبطئ تقدم المشروع ويفرض تكلفة جديدة على إيران. ثانياً، ورد في بيان وزارة النقل العراقية بوضوح أن خط السكة الحديدية المذكور مخصص فقط لنقل الركاب ولا يمكن استخدامه لنقل البضائع.

دليل الجانب العراقي هو أن موانئ إيران بعيدة عن هذا الطريق. ثالثًا، إن وجود إرادة سياسية قطعية من الجانب العراقي (مع الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل الإقليمية ومجمل العلاقات الإيرانية السعودية وحالة العلاقات الإيرانية الأمريكية) ضروري جدا لإنهاء هذا المشروع.

عدم رغبة العراق في استكمال هذا المشروع بسبب تعارضه مع ممر الشمال - الجنوب (المشروع الضخم لربط ميناء الفاو براً بالحدود الشمالية على الحدود التركية ثم ربطه بأوروبا، المعروف باسم طريق التنمية)، قد يضع احتمال استكمال خط سكة حديد شلمجة - البصرة بنهاية عام 2023 في حالة من عدم اليقين.

في ختام هذا الجزء يمكن القول انه حتى في حالة خط سكة حديد شملجة -البصرة حسب الجدول الزمني المعروض، على الاقل في المدى المتوسط ​ لا توجد مؤشرات حول نقل البضائع عبر هذا المسار، وانه لن يكون من الممكن نقل البضائع من إيران إلى السعودية عبر خطوط السكك الحديدية.

في الواقع، إن طبيعة نقل الركاب من شلمجة - البصرة عبر السكة الحديدية استبعد إمكانية تصدير البضائع من الدول العربية - التي قد تكون مرتبطة ببعضها البعض عبر خطوط السكك الحديدية - عبر إيران إلى آسيا الوسطى والقوقاز ثم أوروبا . من المهم الإشارة إلى أن شبكة السكك الحديدية العامة لمجلس تعاون الخليج الفارسي، والتي تبدأ من عمان وتنتهي في الأردن، تمتلك إمكانية الاتصال بالعراق ثم إيران.

كما أن مشروع الطريق العملاق الذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار و 1200 كم يعد من أهم مشاريع البنية التحتية للحكومة العراقية ، والغرض منه إنشاء ممر بضائع وتجارة بين الخليج الفارسي وأوروبا ، ومشاركة إيران في استكمال هذا المشروع قابل للتشغيل من خلال ربط خطوط السكك الحديدية الإيرانية بالطرق الرئيسية لهذا المشروع.

ربط السكك الحديدية بين العراق والكويت والسعودية

القضية التالية في مشروع خط السكك الحديدية من إيران إلى السعودية هو ربط الدول الثلاث العراق والكويت والسعودية. في الاجتماع الاقتصادي المشترك بين السعودية والعراق ، تم اقتراح مشاريع مهمة للغاية على بغداد من قبل الجانب السعودي، أحدها إنشاء خط سكة حديد مشترك بين البلدين، يبدأ من شواطئ البحر الأحمر ويمتد إلى أراضي العراق.

بمعنى آخر، لا يوجد ربط عبر خطوط السكك الحديدية بين العراق بالسعودية. يبدو أن الكويت حريصة جدا على ربط العراق بالسكك الحديدية. لأنه بحسب خبر صحيفة "الجريدة"، أعلنت حكومة الكويت موافقة هذا البلد مع السعودية بشأن مشروع ربط السكك الحديدية بين البلدين لنقل البضائع والركاب. لكن الجانب العراقي لا يزال لديه بعض الملاحظات في هذا المجال بسبب التأثير السلبي المحتمل لربط السكك الحديدية بالكويت على مشروع الفاو الكبير وطريق التنمية.

يجب التأكيد على أنه بسبب الطبيعة الجغرافية وعدم وجود عوائق بيئية محددة، فإن إمكانية الربط بين العراق والكويت والسعودية ممكنة تماما، لكن التصور المتناقض للمصالح الوطنية والفهم المتضارب - على الأقل من جانب بغداد - جعل سير العمل بطيئاً. وهي قضية كانت حاضرة أيضا في تقدم مشروع شلمجة - البصرة.  وإلى جانب هذه العقبة كما يجب إضافة البيئة السياسية والأمنية غير المستقرة والفساد المستشري والتوترات العرقية في العراق ، مما يهدد بتقويض أي مشروع للبنية التحتية.

لا بد من القول أنه في الوقت الحالي، حتى لو كانت هناك إرادة سياسية ، لا يوجد احتمال لربط سكك حديدية بين العراق والكويت على الأقل، وهذا ما أبقى المشروع بأكمله في حالة من الغموض. يرغب العراق أيضا بأن يكون طريق عبور الطاقة الوحيد من الخليج الفارسي إلى أوروبا عبر طريق العراق وتركيا واستبعاد الجهات الفاعلة الأخرى. قضية يمكن أن تؤثر ، في حالة إيران ، على قيمة ممر الشمال  - الجنوب.

النقطة التالية هي حالة الغموض لدى المستثمرين الخاصين والعامين ومقدار الائتمان المطلوب لهذه الخطة. بالطبع ان الخبر الرئيسي تم اقتراحه من قبل صحفي، ولكن إذا كانت الأخبار صحيحة وكانت هناك إرادة سياسية بين الدول الأربع، فلا يزال من غير الواضح كيف وفي أي إطار زمني وبأي تكلفة سيتم الانتهاء من هذا المشروع. في هذا السياق ، يجب الإشارة إلى إحياء العلاقات بين طهران والرياض باعتباره القوة الدافعة الرئيسية وراء نشر أخبار هذا المشروع.

إذا استمر الاتجاه الحالي ، فيبدو أنه من أجل الاستفادة القصوى من الامكانات الاقتصادية لإحياء العلاقات الإيرانية السعودية، من الضروري أن يوضع "تحويل مشروع إحياء العلاقات إلى عملية تطوير العلاقات في المجال الاقتصادي والبنية التحتية" على جدول أعمال طهران.

الربط السككي- حتى من حيث نقل الركاب - وإمكانية إنشاء مسار بين دول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وحتى تركيا مع البلدان الواقعة جنوب الخليج الفارسي عبر الأراضي الإيرانية، لا يجلب فقط فوائد اقتصادية إلى إيران، بل على المدى المتوسط ​​والطويل ، ستصبح إيران عمليا مسار آمنا وسريعا للتجارة والسفر ونقل البضائع.

وتأكيدا على الاقتراح المذكور، يجب التأكيد على أن كل مشروع مناهض لإيران داخل وخارج البلاد مرتبط بطريقة أو بأخرى بممرات الاتصال. الهدف النهائي لهذه المشاريع هو عزل إيران، وعدم تطورها في الظروف الحالية للنظام الدولي (مقابل التطور في الدول المجاورة) وخلق نوع من الاختناق والتآكل الجيوسياسي.

إن أي إجراء تتخذه إيران في التعامل مع الحالات المذكورة يجب أن يأخذ بالاعتبار مراعاة الدور النشط للبلاد في طرق الاتصال الإقليمية وخارج الإقليمية، بحيث تؤدي تكلفة تجاوز إيران وفرض التخلف وعدم التنمية إلى منع المنافسين من القيام باجراءاتهم. استكمال ممر الشمال الجنوب بمركزية الهند وروسيا، ولعب دور فعال في خطط الصين الطموحة ، والآن الربط السككي مع السعودية والدول العربية الأخرى في المنطقة، سيزيد من الثقل الجيوسياسي لإيران، وحتى لو أصبح مضيق هرمز أقل أهمية لمنافسي إيران الإقليميين وإيجادهم بديل مناسب وآمن لمضيق هرمز، يمكن لإيران استخدام أدواتها الأخرى في التجارة العالمية والإقليمية.

في السابق كان يسرائيل كاتس وزير النقل في الكيان الصهيوني، قد اقترح إحياء سكة حديد الشحن القديمة من دمشق إلى المدينة المنورة والتي تم نسيانها مع انهيار الإمبراطورية العثمانية، كعنصر أساسي في مواجهة المحور الإيراني، وهو محور يستخدم التجارة ليجلب السعودية ودول عربية أخرى إلى تحالف وثيق مع إسرائيل.

لذلك، فإن الاجراءات المضادة للممارسات المعادية لإيران هو ربط أكبر قدر ممكن في مجال الاقتصاد والبنية التحتية للاتصالات بين إيران والدول المجاورة. يمكن لإيران أيضا متابعة خطة أكبر مقابل ربط سكك حديدية بالكويت والسعودية، وهي خط سكة حديد إلى سوريا. وهذا يعني أنه يجب التخطيط لسلسلة من مشاريع السكك الحديدية بين إيران والسعودية بحضور الدول العربية، الأمر الذي سيربط إيران بسوريا وسيتم تشغيل الطريق من إيران إلى السعودية. ومن أجل تنفيذ كل هذه الأمور فإن الإرادة السياسية لقادة الدول ووجود جو خالٍ من التوتر بينهم أمر ضروري أكثر من أي عامل آخر.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الأقتصاد
أهم الأخبار الأقتصاد
عناوين مختارة